Pages

Sunday, December 12, 2010

يا رب السماء تمطر

كانت الساعة الثالثة عصرا.....ولكن كان من الصعب تحديد ذلك دون النظر في ساعتي حيث كانت السماء رمادية مصفرة أو برتقالية....في الحقيقة لا أستطيع تحديد ذلك اللون بالضبط ولكنه لون لم يعجبني اطلاقا....خاصةً حين امتلأت رئتاي بالهواء المحمل بالأتربة....لا...عذرا....أعني الأتربة المحملة بالهواء ولم أكن لأتخذ خذه الخطوة وأجرؤ على النزول لولا الضرورة

ولا أعلم لماذا ذكرني مشهد طلبة أحد المدارس في شارع 26 يوليو في الزمالك بـذلك المشهد اليومي عند "لورد".....السوبرماركت الذي كان "كعبة" كل طلبة وطالبات مدرستي (الذي علمت بعد 4 سنوات من اغلاقه وتخرجي من المدرسة أنه كان محاطا بعلامات الاستفهام حول نشاطه) ولا أعلم لماذا كنا نجتمع هناك رغم أننا نقضي حوالي 10 ساعات معا....ورغم اننا أحيانا لم نكن نجتمع هناك لشراء "حاجة حلوة" مثلا .....ولكن بـغرض الجلوس على ذلك السلم الرخامي الذي كان موجودا في مدخل العمارة المجاورة له....و لم يمنعنا من الجلوس هناك صوت تلك العجوز الشمطاء التي كانت تسكن في الدور الأرضي التي كانت تخرج لتسمعنا سيمفونية بـسبب أصواتنا المزعجة....أو بواب العمارة الذي يظهر في كل صوري مع صديقاتي....أو تلك العواصف الرملية....واخذت أسترجع كم كان مجتمع المدرسة مغلقا ومحدود النشاط....فلا أذكر جديدا عن لورد غير خروجة يوم الخميس المقدسة أو أنني كنت أقضي الفسحة في القراءة على سطح المدرسة أو في تأمل الناس والسيارات في شارع جامعة الدول العربية من السطح ايضا.....أو الجلوس على الشباك في الفصل.....وأذكر أول مرة زرت فيها مكتبة وأنا في الثانية عشر و اشتريت فيها كتابا لا زلت احتفظ به ولا أعيره لأحد قط...و أذكر سعادتي في أول مرة نشر لي مقالا في مجلة وأنا في الرابعة عشر .....ومن الجدير ذكره انني كنت أكتب تلك المقالات في الحصص لشدة مللي.....

لا أعلم لماذا أمقت هذا الوقت من العام....ويساورني اعتقاد عجيب بأن السماء عندما تمطر.....فـهي تبكي حتى تستريح مما تحمله من "سواد"....تماما كالإنسان حينما يبكي....وكلما زاد "السواد"...زادت حاجة الإنسان في البكاء

حتى السماء تضع نفسها في المقدمة......فـلا تكترث بقدر الأذى الذي يصيب الناس حينما تمطر......لا تكترث بـقدر الكآبة التي تضفيها على من حولها حين تبكي....لا تكترث بأنها تحجب الشمس والنور عن العالم......لا تكترث "بمنظرها قدام الناس".....تبحث عن راحتها هي....وهي فقط.....

لو كنت فكرت في تلك الخاطرة من أيام قليلة ماضية لرأيت السماء أنانية....ولكنني اليوم أقدر ماتفعله......فـكل من في هذا الكون يضع نفسه في المقدمة.....دون النظر لأي شيء أو أي أحد آخر....فلا تتوقع ان يفضلك أحد على نفسه وإن زعم هو ذلك....ده في القصص الخيالية وأفلام الكارتون بس

إن لم تضع نفسك في المقدمة ستظل دائما في المؤخرة....أنا لا أدعو للأنانية ولا تجاهل حقوق الاخرين....ولكنني ادعو لإحترام حق الذات وعدم هضمه

لم أرى شعورا أسوأ من الظلم.....فـحينما يظلمك أحدهم لا تستطيع ان تصف مدى سوء شعورك تجاهه وقد تكرهه مهما كان حبك له....فـما بالك حين تظلم الشخص الوحيد الذي لازمك ويلازمك وسيظل يلازمك حتى آخر يوم في عمرك.....انه أنت.....تخيل إذا وصلت بـظلمك لذاتك لمرحلة أنها تكرهك ؟ الإنسان الذي لا يحب نفسه لا يستطيع ان يحب أحدا... فـفاقد الشيء لا يعطيه

يا رب السماء تمطر :)