Pages

Friday, July 15, 2011

الثور والثورة

كنت قد قررت في وقت سابق ألا أتكلم في السياسة....مش عشان السياسة عيب....بس عشان مش كل من اتفتحله ميدان بقى زعيم ومش كل من مسك مطوة بقى بلطجي ومش كل كتكوت يتقال له يا كتكت...لهذا كلما اردت ان اعترض على مالا يعجبني في السياسة احتفظت برأيي لنفسي أو عبرت عنه في حدود ضيقة حتى لا انساق إلى هذه الحلقة المفرغة وأرى نفسي امام نفسي مع اللي ملهمش فيها وبيفتوا في أي حاجة ولكنني لا أستطيع الصمت أمام ماأرى....ولم أقدر على ان أكون من المتفرجين فقط...فقررت ان أتحدث عن شيء آخر أفيد...قد تكون له علاقة غير مباشرة بالسياسة.....ولكنه ذو ارتباط وثيق بإحترام العقل وتقدير الذات...ولن أذكر الآخر في جملي لا تجنبا له ولا تقليلا من شأنه....ولكن الإنسان يبحث عن نفسه أولا وهذه طبيعة بشرية يجب ان نعيها جميعا جيدا وان نتعامل معها

لست من أصحاب اوقات الفراغ المستمرة....ولكنني لست "عم المهم" كذلك...لهذا استطيع ان أجد الوقت الكافي لقراءة الأخبار وقراءة بعض الكتابات القصيرة التي تنشرها الصفحات....وأحمد الله ان أعطاني ذاكرة قوية وقدرة على الربط بين الأسماء والأحداث والأماكن والمعلومات وأذكر عندما ذهبت منذ 4 أشهر تقريبا للإدلاء بصوتي في الاستفتاء على التعديلات الدستورية عندما صوتت بنعم ليس بدافع ديني ولا غيره وانما كان ذلك ماأراه في مصلحة مصر حينها....رأي شخصي يحتمل الصواب أو الخطأ اخترته دون تأثير من أحد ولا توجيه...فأنا لا أنتمي ولن انتمي لأي حزب لنفس السبب لذي ذكرته في بداية المقال.....كل فولة ولها كيال ودي مش الفولة بتاعتي. وأحزنني كثيرا تأثير بعض أصحاب النفوذ من رجال دين أو غيره (و أعني بالنفوذ هنا المكانة والقدرة على التأثير) وأعجبتني أحد الصفحات المنادية بعدم التأثير على آراء الآخرين وترك المجال لهم لتكوين آراء خاصة بهم.كنت أتابع هذه الصفحة جيدا (مش عن كثب أحسن حد يقول إني فلول ولا حاجة), كانت الصفحة تلاقي انتشارا سريعا....ولكن كان من المؤسف ان أرى القائمين على الصفحة لا يلتزمون بالحيادية ولا بترك مساحة للآخرين لتكوين ارائهم....وتحولت الصفحة إلى منبر للتعبير عن ارائهم الشخصية...بل والإساءة إلى كل من لا يتفق معهم في الرأي...حاولت ان أنتقدهm اكثر من مرة ولا اعلم إذا كانوا يقرأون التعليقات ام لا لكثرتها...ولكني لم أستطع الا ان "أسفلتهم بالذوق" في أحد المرات التي بدأ احدهم في التطاول فيها على القائمين على احدى الشبكات الإخبارية لمجرد أنهم لهم هوية اخوانية وليس لعدم مصداقية الشبكة مثلا أو لخطأ مهني أو حتى نقد مؤدب....بل وان التعليق الذي كتبه كان يحتوي على جمل مسيئة ونسي ان تلك الشبكة الاخبارية هي الشبكة التي كنا نعتمد عليها اعتمادا كليا في بدايات الثورة وسط التعتيم الاعلامي العجيب الذي كان موجودا حينها...لم استطع الا ان أذكره ان الصفحة ليست منبرا للتعبير عن رأيه الشخصي وأنه ينادي بما لا يفعل فكلامه بعيد عن الحيادية وكله توجيه صريح وفرض لوجهات النظر الشخصية على الآخرين وان التركيز على نقاط الاختلاف بدلا من نقاط الاتفاق يعيدنا إلى الوراء....ثم كتبت على صفحتي الشخصية أنني لاأصدق ان هناك ناس كهذا الشخص مازالوا يفرضون أراء هم على الآخرين وإن هناك من يستجيب لهم دون تفكير ثم قمت بحذفها لأنني وجدت ذلك غير مقبولا

لم اتوقع رد فعل من الصفحة....ولكنني فوجئت بأن القائم على الصفحة حذف ماكتب عن تلك الشبكة وكتب بعدها ان بعض الكتابات أثارت حفيظة بعض الأعضاء لهذا تم حذفها على ان يتم التوقيع على الكتابات التي يكتبها القائمون على الصفحة. لا أنكر أنني سعدت بالاستجابة....ولكن ماحدث جعلني أفكر .....اين المشكلة؟ إنها ليست مشكلة الصفحة.....وليست مشكلة الشخص.....وليست مشكلة الفترة....ولكنها مشكلة شعب....مشكلة مجتمع ظل مهمشا وعاش كل فرد فيه في مساحة ضيقة لا تكاد تسع وجهة نظر واحدة...فكيف لها ان تسع وجهات نظر متعددة ليختار منها مايريد ويكون رأيا له؟

انني أحترم شخصا كان ضد الثورة من البداية عن اقتناع وايمان أكثر من شخص ظل منساقا حتى أنه أصبح دائما كالثور الأهوج...أينما يكن المنديل الأحمر يكن هو...دون النظر إلى أين يذهب....أو الذي عمته حرارة الأحداث عن رؤية الحقيقة والتفكير....تماما كالذي يسير في صحراء ساخنة في يوم شمسه حارة ....يرى مايتقدمه مهزوز وغير واضح وقد يصل إلى حد كونه سرابا....ولو أنه أمعن النظر لرأى الواقع مختلفا...ولكن الحرارة لا تجلعه يقف ليفكر ويدقق...فيفعل مالو كان في غير موقف حار لن يفعله....ويقول مايتنافى مع مايعتقد...ينادي بتقبل الآخر ثم يهاجم من يختلف معه في الرأي وقد يسبه أحيانا (أيوه أنت عارف نفسك...أيوه اقصدك)....وينادي الحيادية وعدم فرض وجهات النظر الشخصية على الآخرين ويبدأ هو بإستخدام كل الوسائل الممكنة لفرض رأيه...والكثير من الأفعال التي تتنافى مع مايرى...فقط لأنه ارتضى ان يكون ثورا لا إنسانا....ولا أستبعد ان يكون هناك رابط لغوي بين الثور والثورة فكلاهما اهوج.

لقد قررت ان ألتزم بالحيادية والموضوعية....وعدم فرض رأيي على الآخرين....حتى بعيدا عن السياسة....فلن أصف شيئا بأنه "وحش قوي" ...ولكن سأصفه بأنه لا يعجبني....ولن أصف شيئا بأنه خطأ...ولكن بأنه لا يناسبني....وسأحاول عدم استخدام ألفاظ تحتمل اكثر من تأويل أو ألفاظ نسبية...ولنبدأ في التركيز على نقاط الاتفاق وليس نقاط الاختلاف...فلنترك توجهاتنا السياسية بعيدا , كلنا مواطنون....لا يهم أي حزب تتبع ....ولكن المهم هو أي مواطن تكون...إذا اصبح الجميع ساسة....فمن سيكون المسيسون؟ التغيير ليس سياسيا فقط...التغيير عقلي وروحي وفكري....التغيير شامل...وقد كنا أجزاءا في منظومة هدم....وليس من الطبيعي ان يكون جزءا من منظومة الهدم جزء من منظومة البناء دون تحويل أو تعديل.


http://marwamorgan.blogspot.com/