Pages

Thursday, February 10, 2011

الرجولة أدب مش هز كتاف


رغم تفاؤلي الشديد الذي عرفت به طول حياتي الا انني لا أنكر ان كثيرا من نوبات اليأس قد انتابتني تجاه حال هذا البلد في السنوات السابقة...أنا لن أتحدث عن البطالة والفقر والأمية .....ولكن ساتحدث عن الطبقة المثقفة....عن الصفوة ....التي هي عماد أي أمة...والمسئول الأول والاوحد عما تصل اليه

لن أتحدث عن الحالة اليائسة التي وصل اليها جميع المثقفين....وثقافة "مفيش أمل" التي سيطرت على الجميع....ولكن سأتحدث عن انتشار الجهل بين غير الجهلة.....فهم اكثر الناس نشرا للإشاعات ....عندك مثلا اشاعة "أصل سبكترا المعادي قفل عشان بيقدم لحم حمير"....طب والفرع التاني مقفلش ليه؟

أو اشاعة ان كراسي السينما امتلأت بدبابيس ملوثة بـفيروس الايدز ومكتوب على الدبوس "اهلا بيك في عالم الايدز"....وما المصلحة في ذلك؟ هل هذا منطقي؟

ناهيك عن انعدام الواعي بـكل شيء.....وعدم الاهتمام بـأمور من حولهم.....فـالمتعلم من دول لا يعلم من هو وزير الداخلية ولا من هو وزير الخارجية....وإن لم يكن مبارك قابع على صدورنا منذ ولادة ذلك المثقف....لم يكن ليعرفه

ده مش وقت تقطيم......عارفة.....بس ربنا ادانا بريق أمل......ادانا فرصة للتغير ...إزاي نضيعها؟

لا زالت كلمات والدي ترن في أذني: "أنا كل شوية أفتكر إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم....كل ماآجي أعمل حاجة غلط أقول لأ....أنا مش هعملها عشان ربنا ميمنعش عننا التغيير.....مش عايز أبقى أنا السبب اللي ربنا يمنع بيه عننا التغيير....أصل التغيير ده نعمة كبيرة قوي والله....ولازم نبقى نستاهلها عشان ربنا يديهالنا....وأهو ربنا فتحلنا الباب وشفنا الأمل.....ماينفعش نضيعه بقى!!"

والشهادة لله.....مارأيت تغيرا في سلوك شعب كالذي رأيته في هؤلاء المتواجدين في التحرير......لم أرى تسامحا أو ايثارا أو تحملا للمسئولية أو تضحية وتفاني كالذي رأيته في هؤلاء الناس

الست اللي كانت بتتخانق مع باقي الستات في المترو على المكان الفاضي عشان تقعد هي راحت تمر بـكراتين العصير على المتواجدين حتى تروي ظمأهم.....وهي التي كانت تفرش ماتجد معها على الأرض حتى لا تلمس الجباه الطاهرة أسفلت الشارع ....وهي التي كانت تبكي قائلة: ربنا يحفظكم يا ولادي

وذلك الشاب السخيف الذي قضى أغلب حياته في المعاكسة وكتابة الالفاظ القذرة على الاسوار وكانت تظهر أنانيته في اختراقه لأي طابور .....هو نفسه الذي كان ينظم المارة....ويحترم طابور التفتيش وهو الذي كان يدعو بالنصر....ويبدأ بالصلاة على وقتها....وهو الذي يفضل الغير على نفسه حتى انه يظل واقفا في المقدمة وقت الضرب حتى لا يصاب غيره بـأذى...وهو الذي يحث الآخرين ممن طفح بهم الكيل على عدم الشتيمة قائلا: "احنا نقله يمشي آه....انما نشتم لأ....احنا أحسن منهم....ده مهما كان راجل كبير "

لن انفي وجود الذين جاءوا ليكونوا "في الهيصة".....أو الذين جاءوا ليستكشفوا ذلك المشهد الذي لم نشهده من قبل....أو ليزوروا مولد سيدي التحرير كما قال احدهم ....ولكن الاغلبية ظهرت عليها ملامح التغيير....والتغيير الحق

السؤال بقى......هل يظل رَجل التحرير رجلا خارج التحرير؟

إذا كنا لا نريد اضاعة دم الشهداء والجرحى.....ليس علينا فقط ان نصمد على مطالب الثورة ولكن ان نصمد على أخلاق الثورة.....الثورة ليست شعارات وكلام يردده الكثيرون ....أو صورة تغيرها على فيس بوك أو كلاما تكتبه....أو رأيا تتمسك به امام الاخرين - وقد تكون انت اصلا أحد الذين يرددون الكلام كالبغبغانات على غير فهم وقناعة- و أحلام واماني ترسمها لغد أفضل ظهرت أول خطوطها مع شروق الشمس الثورة

أرجوك تمسك بـخلق الثورة....وإن لم تكن في التحرير.....وإن لم تكن مع التحرير....وإن لم تكن تهتم بالتحرير

ارجوك لا تكن السحابة التي تحجب شعاع الأمل في التغيير عن الغير ....يمكن يكون ربنا مؤخر النصر قليلا حتى نتغير من الداخل ونستحق التغيير من الخارج....أو حتى نستطيع حمل الأمانة الثقيلة التي ضحى الكثيرون لأجلها فلا نأتي ونضيعها نحن

ارجوك ابدأ بـنفسك وبـ غيرك....إذا كنت مختلف مع غيرك عن طريقة التغيير في المظاهرات ....فلا تختلف مع نفسك على طريقة التغيير في الأخلاق

حتى لا تكون الثورة والتغيير كلاما يتشدق به من لم يبذل كل غال ليحياها .......

إذا كنت لا تستطيع ان تكون معهم لأي سبب خارج عن ارادتك .....لقد حان الوقت لتكون معهم بـسلوكك

"إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

كما كنت رجلا في الثورة......كن رجلا خارج الثورة

الرجولة أدب مش هز كتاف....الرجولة اخلاق مش شعارات......الرجولة أفعال مش كلمات

0 comments: