Pages

Saturday, March 12, 2011

الرضا والشكر

يوم طويل....كنت أعلم انني في حاجة إلى بعض من طقوس الصحة النفسية كأي إنسان ...يحتاج إلى بعض منها كي لا يتحول إلى آلة متحركة.....وكنت قد عاهدت نفسي على ان أحاول قدر جهدي الحفاظ عليها وعلى ان أضعها في المقدمة....ورغم أني تربيت من صغري على الوفاء بالعهد وان أقف لكلمتي حتى أقصى ماأستطيع ودائما رأيت أمي تفعل ذلك...إلا أنني في كثير من الأوقات لا أكون عند حسن ظن نفسي....ولا افي بعهودي معهـا رغم أنها تحملت ماأفعله بها طوال 21 عاما....وأكره الذي لا يفي بعهده ولا يقدر من يتحمله حتى أنني اصبحت ارفض التعامل مع هذا النوع من البشر لأنني سئمت منه تماما وأتمنى ان يختفي من على وجه الأرض....ولكنني كباقي البشر أخطئ وأفعل ماأكره....لهذا أدركت ان خطئي السابق كان في عدم التماس العذر لهؤلاء وإن كانوا لا يستحقونه في كل الأوقات

لم أكن أخطط لذلك اليوم ان يكون كذلك.....ففي أيام الصحة النفسية أنا لا أخطط.....يكون كما يكون.....يستغرق كما يستغرق....وقد يستغرق ذلك ساعات....أو أيام.....أو قد يستغرق أكثر وحينها غالبا لا أعطي نفسي الوقت الكافي فأعود مرة أخرى لنفس الوضع الذي لا أحبه

ورغم انني أتغير وأتحول بسرعة كبيرة ....لا أعلم ماسر محاولاتي الدائمة في تصنيف نفسي بالصفات أو غير ذلك....ولم أنجح أبدا في ذلك التصنيف.....فأنا لا أعلم إذا كنت عاطفية ام عملية.....ولا أعلم إذا كنت عاقلة ام مجنونة....ولا أعلم إذا كنت خيالية ام واقعية....ولا إذا كنت حاسمة ام غير ذلك....
قد يرجع ذلك لأنني "مش عارفة نفسي" مثلا.....وقد يرجع ذلك انني لا انتمي لأي من تلك الصفات....أو لأنني "بحالات"...أو يمكن مثلا أنا كائن فضائي....ومش بعيد أطلع أنا "ستيج"

لم أتوصل الا إجابة مريحة في فقرة التصنيفات....لهذا قررت ان أنتقل إلى الفقرة التالية....وهي فقرة مفضلة وغالبا ماتنتهي برضا يعيد الصحة النفسية....التفكير في كيف يسير الله الأمور....ويحدث ماقد تراه انت صدفة فيكون سببا في تغير جذري في حياتك أو يكون جزءا كبيرا من حياتك بعد ذلك......فمثلا....لولا انني تعرضت لحادث سرقة في 2008 سرقت فيه كاميرتي القديمة....لم أكن لأشتري واحدة جديدة.....ولولا ذلك لاختلفت حياتي

لم أكن أعلم حين قابلت تلك الفتاه بالصدفة ....ولم أكن أذكر حتى اسمها رغم انني اتمتع بذاكرة قوية (قول ما شاء الله...مش عايزين حسد) لأنها لم تكن تعنيني وكنت أصفها عند الحاجة بالبنت الهادية صاحبة رضوى......لم أكن أعلم انها في يوم من الأيام ستصبح من أعز صديقاتي ولا ان اكتشف إنها مش هادية خالص!

في كل مرة أفكر فيها كذلك...أشعر بقلة علم الإنسان....وعظمة تقدير الله....وأنني دائما في ايد أمينة...فلن يقدر الله لي إلا خيرا....وأتذكر الأغنية القائلة "ونخاف من بكرة ليه....من عارف بكرة إيه"....وأشعر كم أنا في نعمة وهي أن جعلني الله أصل لحالة الرضا ببعض من التفكير.....أصل الرضا ده نعمة...ولا يوازيها أي شيء اخر
ي
قد يملك الإنسان الكثير....ولكنه دائم التسخط....يشعر أنه يستحق المزيد.....وغالبا ماتجده دائم الوقوع في المشكلات وفاشل في علاقاته الاجتماعية حتى لو كان الآخرين "قايدين صوابعهم العشرة شمع" لجنابه....ونادرا مايشكر الآخرين...وقد يكون ذلك سر اقترن شكر الناس بـشكر الله في الحديث "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"....عديم الرضا يشعر انه لا يوجد مايشكر الله عليه.....أو يكون دائما مشغول بالتسخط عن الشكر....وينعكس ذلك مع الناس ايضا

وقد يكون الإنسان فردا عاديا.....ليس بالضرورة ان يكون أكثر الناس مالا.....ولا أذكى الناس....ولا صاحب أفضل وظيفة....ولا متزوج من أفضل شخص في العالم......ولكنه يملك مايجعله أكثر سعادة من كل السابقين....يملك الرضا...فيشعر أنه أفضل أهل الأرض حالا...فترى بسمة من أحد أبنائه.....أو يوما يقضيه مع أسرته....أو كلمة شكر يسمعها ممن لم يتوقع منه شكرا.....أو نجاح بسيط في عمله.....أو خدمة يؤديها له أحدهم تجعله في أسعد حالاته....تخيل كم مرة في اليوم يشعر فيها ذلك الإنسان أنه في أسعد حالاته؟

تأصلت عندي قناعة في ان السعادة تكمن في الرضا.....وصارت عقيدة....ان من يحاول الرضا يعاونه الله على ذلك حتى يرضى الفرد.....و من يرضي الله....يرضه الله....كانت جدتي رحمها الله تقول ذلك: "اللي يرضى ربنا..يرضيه, واللي يرضى..ربنا يرضيه" (الضاد مشددة).

و عاهدت نفسي -عن عقيدة- ان أنظر فيما حولي نظرة ايجابية تعينني ان أرى حسن تقدير الله في توزيع الرزق....حسن اختيار الظروف لي....وحسن تقديره في تعليمي....وقدراتي العقلية....وخلقه لي بهذه الهيئة وهذا العقل...ووضعي في هذه البيئة التي أرى أنها تستحق ان يحسدني الناس عليها...فلا أعتقد ان أحدا رزق مارزقت في أسرتي أو اخوتي....ووالله لم أتمن أبدا أفضل من ذلك.....أو ان أحدا رزق مثلما رزقت بناس من حولي يساندونني في كل خطوة.....وإن كان ظهر من بعضهم سوء....فأثبتت الأيام ان "صوابعك مش زي بعضها" (أحب البلاغة في هذا المثل....فالأصابع تماما كالأشخاص....تتشابه ولكن لا تتطابق)...وانه كما كان من بعضهم قلة تقدير وعدم مسئولية.....كان من أغلبهم اخلاصا ومساندة في أوقات الحاجة لم أكن اتوقعها....وانطلاقا من "من لم يشكر الناس لم يشكر الله".....أريد ان اشكر الناس على كونهم من كانوا....وأريد ان أشكر الله على مارزقني

الشكر اللي في الآخر ده لكل واحد عمل أي حاجة عشاني مهما كان شايفها بسيطة ....بس للأسف الأسماء محدودة

0 comments: