Pages

Wednesday, April 13, 2011

الدراجة

لا اعلم لماذا يعود بـي شريط الذكريات إلى الوراء.....وأسرح بـفكري إلى القريب والبعيد حينما تذكر كلمة "التوازن".....وأتذكر جملة أبي: "أصل التوازن ده إحساس.....طول ما انتي حاسة بالتوازن عمرك ماهتقعي.....انما لو خانك التوازن هتقعي في أول لحظة تجيلك بعدها"......وأذكر كم كان يكرر هذه الجملة على كورنيش البحيرة الكبيرة في الشارقة......في كل ليلة كنت اذهب فيها معه ليعلمني ركوب الدراجات وأنا في السادسة......وكيف أقنعني ان التوازن إحساس حينما كبرت واستوعبت أنه أثناء تعليمه لي (وكنت اخاف ركوب الدراجة بدون سنادات حينها) انه قد قام بفك احدى السنادات وأبقى على الأخرى حتى أحتفظ بإحساسي المزيف بالتوازن ولا أقع.....وحينما وثقت في نفسي وإستجمعت إحساسي الحقيقي بالتوازن ....قام بـفك السناده الثانية....وأصبحت أركب الدراجة بلا وقوع...

لم أنس كلمة واحدة مما قال....ولا أتعجب ذلك....فهو أكثر شخص تعامل معي بـذكاء في حياتي ....فكان يركب معي "المراجيح" في الملاهي منذ طفولتي...ويرفع عقلي ويخفض عقله....حتى يتقابل العقلان في مستوى وسط ....فعلمني الكثير هو وأمي حتى أنني كنت أستطيع القراءة وأنا في الرابعة ....و أشهد الله على أنني لم أتمن يوما أسرة افضل من تلك

لا أعلم اذا كان ذلك تشبيها غريبا ولكنني أرى الحياة كالدراجة.....تسير بسرعة.....قد تأخذك وقد تأخذها....حسب من فيكم اشطر....وإن لم توفر لنفسك التوازن ستقع حتما....ولابد ان تقع مرة تلو الأخرى حتى توفر لنفسك التوازن .....وقد يتمثل ذلك التوازن في إحساس زائف نابع من وجود سنادات في حياتك.....وحينها يختفي توازنك و تسقط مع اختفاء تلك السنادات....أو يكون توازن حقيقي نابع من احساسك الداخلي وقدرتك على التحكم في زمام الدراجة....وتستطيع ان تضع في تلك السلة الصغيرة ماتريد ....وكلما ثقلت سلتك...صعبت حركتك وزاد مجهودك

دراجتي ليست بالقديمة.....ولكنني كثيرة الحركة....وبالتالي كثيرة الوقوع....واتباعا لمبدأ "مايقع الا الشاطر"...اعتبرت نفسي من الشطار حتى بدأت آثار الوقوع تؤلمني...وأوشكت دراجتي ان تبلى لولا عناية الله ......رغم اني كنت احتفظ بالعديد بالسنادات التي تساقطت واحدة تلو الأخرى لإعتمادي الشديد على واحدة فقط وتجاهل الباقين...حتى خانتني سنادتي المفضلة وصرت بلا توازن....فأحيانا يمسك الشخص في شيء ويتخيل ان فيه كل التوازن.....فييبدأ في التمايل....ثم يخونه ويسقط بلا مقدمات وليس من العيب ان يوقف الإنسان دراجته لبرهة بحثا عن التوازن ثم يعود بقوة تمكنه من اللحوق بالركب ......فذلك الإنسان أفضل حالا ممن يسير متمايلا وهو يعلم ان سقوطه وشيك ولا يريد ان يتوقف خوفا من ان يخسر سنادته الأخيرة.....وهو لا يعلم ان الله أعطاه قوة داخلية تتمثل في احساسه هو بالتوازن الذي يخلقه لنفسه ببعض من الإرادة ورضا النفس.....أصل التوازن ده إحساس :)

ومن هنا اربط نعمة الله في التنوع والاختلاف بالتوازن.....فـالتوازن في الحياة يأتي من الموازنة بين المختلف من الأمور والأفعال والأفراد وحتى العواطف......فلا يشعر بسعادة من لم يذق حزنا...ولا يشعر بالأمن من لم يحيا في خوف....ولا يشعر اد إيه الفاصوليا جميلة من لم يذق السبانخ!

كن عادلا تنعم بالتوازن......كن عادلا في وقتك...في صحتك.....في عواطفك.....في علاقاتك....في نشاطاتك.....في عملك....في أسرتك .....فـإن جار أحدهم على الآخر ستحتاج إلى سناده تعطيك توازنا زائفا مؤقتا ييخونك ويسقط.....وتذكر دائما ان تضع نفسك في المقدمة حتى تتمكن من قيادة الدراجة ولا تتركها هي تقودك

0 comments: